السلطة والكاميرا.. تطبيع في زمن "كورونا" يتحول إلى سيف ذي حدين

 السلطة والكاميرا.. تطبيع في زمن "كورونا" يتحول إلى سيف ذي حدين
الصحيفة - حمزة المتيوي
الثلاثاء 31 مارس 2020 - 23:40

لم تكن علاقة رجال ونساء السلطة بالمغرب مع كاميرات الصحافيين تعرف عادة أي نوع من أنواع الوئام، حتى إن الكثير من عناصر الداخلية صادروا كاميرات المصورين أو أجبروهم على مسح ما عليها من صور لمجرد أنهم اعتقدوا أن العدسات التقطتهم خلال تدخلاتهم، لكن هذا الأمر اختلف تماما مع بدأ العمل بحالة الطوارئ الصحية ونزول عناصر السلطة إلى الشوارع والأزقة لإجبار الناس على احترامها.

وفجأة، أصبحت علاقة رجال ونساء السلطة مع كاميرات القنوات التلفزيونية والصحف الإلكترونية تتسم بـ"حميمية" غير مسبوقة، خاصة وأن العديد من المقاطع أظهرتهم في ثوب "الأبطال" بفعل مجهوداتهم لإقناع الناس بالبقاء في منازلهم، وخاصة فيديو "القائدة حورية" الشهير بمدينة آسفي، الذي حول هذه الأخيرة إلى "أيقونة"، دافعا العديد من زملائها وزميلاتها إلى محاولة السير على دربها، دون يعوا أن الكاميرا "سيف ذو حيدين".

القائدة والقرآن

وتسبب مشهد قائدة شابة بمدينة وجدة، وهي تحاول ثني رجل طاعن في السن عن إطلاق صوت القرآن عبر مكبرات صوت موجهة عبر النافذة إلى خارج منزله، في الكثير من الجدل عبر منصات التواصل الاجتماعي، ففي الوقت الذي اعتبر بعض المعلقين أن القائدة محقة في تدخلها نتيجة الصوت المرتفع جدا للقراءة، انتقد آخرون الصرامة التي تعاملت بها مع الرجل، بل إن منهم من اعتبروها "معادية للدين" بسبب ترديدها عبارة "حيد عليا داكشي"، في إشارة إلى مكبرات الصوت.

ورغم أن شهادات مجموعة من جيران المعني بالأمر أكدت أن تدخل القائدة كان بفعل شكايات منهم بسبب الصوت العالي للقرآن المشَغَّل صباح مساء ونتيجة رفض الرجل الاستجابة لمطالبهم، وأيضا رغم تداول تدوينة منسوبة لابنة المعني بالأمر تتحدث فيها عن أن إقدامهم على ذلك هو محاولة لـ"إبطال سحر" إحدى جاراتهم، في تقاطع مع ما ورد في شهادات باقي الجيران، إلا المؤكد أن ما وضع القائدة في مأزق هي الكاميرا التي كانت ترافقها والتي حولتها في نظر البعض إلى "متورطة في الشطط" عوض أن تظهرها في مظهر الحريصة على تنفيذ القانون.

"صفعة" باهظة الثمن

وفي مدينة المحمدية، كان المأزق الذي وقع فيه رجل سلطة أمام الكاميرا أكبر من ذاك الذي وقعت فيه قائدة وجدة، ففي إحدى الدوريات المسائية التي تلت بدأ تنفيذ حظر التجوال بسبب تطبيق حالة الطوارئ الصحية، وجه القائد صفعة لرجل خرج دون حمله التصريح المفروض من طرف وزارة الداخلية، وبدا من خلال اللقطة أن الأول كان يعلم جديا أن عدسةً تصوره لكنه اعتقد أن الأمر لا يعدو كونه "صرامة في حق المخالفين".

https://youtu.be/QRgVvqBcKVY?t=124

لكن الرياح أتت بما لم تكن سفينة القائد تشتهيه، حين أصبح مادة لانتقادات المتفاعلين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره "نموذجا" لرجال السلطة الذين يحنون إلى "عصر الشطط والاعتداء على المواطنين"، بل إن كثيرين اعتبروا أن تصرفه هذا أحبط مجهودات زملائه الذين قاموا عمل مُضنٍ خلال الأيام الأولى للأزمة، قبل أن تعلن وزارة الداخلية عن فتح تحقيق في الأمر.

تجاوز للصلاحيات

قائدة أخرى وجدت نفسها في مرمى الانتقادات بسبب تصوير تدخلاتها وهذه المرة بمدينة الخميسات، ففي الوقت الذي كانت تقود فيه دورية لرصد مخالفي حالة الطوارئ الصحية ضبطت شابة تتجول في الشارع رفقة شخص آخر، لتقوم بإيقافها والصراخ في وجهها بقوة، قبل أن تقتادها إلى سيارة الشرطة دون أن تنفع الفتاةَ صرخاتها وهي تنادي أمها وتردد أنها لا تزال داخل حيها وأنها خرجت فقط للتبضع.

https://youtu.be/vjmOBLMVQGc?t=25

لكن أكثر ما أثار الانتقادات حول تدخل القائدة هو مطالبتها المعنية بالأمر أمام عدسات الكاميرا بالكشف عن "عقد الزواج" الذي يربطها بمرافقها، ما وضع الشابة في حرج كبير كون أن مرافقها ليس أصلا زوجها، التصرف الذي دفع الكثيرين إلى اعتبار أن القائدة "تجاوزت صلاحياتها" حينما أصبح موضوع تدخلها مرتبطا بالحياة الخاصة للأفراد لا بتطبيق ضوابط حالة الطوارئ الصحية.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

من تُرشح ليكون أفضل لاعب مغاربي لسنة 2024؟

Loading...